حديث القلب :
قالت الفتاة تحدث صاحبتها: لو رأيته يا كُعيبة… !! لا يستطيع الإنسان مهما أوتي من متانة الأعصاب و قوة الإرادة و نفوذ البصر أن يحدق في وجهه الشريف…، نور غامر و شعاع باهر…، تذوب النفوس رقة و حياء بين يديه، و يحس الإنسان بخفة في كيانه و بدنه، فكأنه يحلق في عالم علوي شفيف، و لا تملك النفس البشرية إلا التسليم… لو رأيته يا كعيبة .. !!
فقالت كعيبة و هي تتململ في مقعدها : لقد شوقتني يا أختاه إلى هذا اللقاء، و إنني لأشعر بندم شديد إذ قاتني اليوم شرف الاستقبال العظيم، و لولا أن الليل قد دخل وعمَّ الظلام لسعيتُ إليه في دار ضيافته عند أبي أيوب مُرَحّبة و مبايعة..
فقالت محدثتها مقاطعة : أما الاستقبال يا كعيبة فحدثي عنه و لا حرج، لقد كانت يثرب كلها في شرف الاستقبال، شيبها و شبانها، نساؤها و رجالها، أطفالها و شيوخها، حتى اليهود خرجوا من قبيل حب الإستطلاع…
لقد كان مهرجانا رائعا لم تشهده يثرب من قبل …
قالت كعيبة و قد جرى الدمع من مقلتيها: إلهذا الحد يا أختاه… !! هنيئا لك يا رسول الله .. و هنيئا لـ يثرب، أوْسِها و خزرجها بك أيها النبي الكريم، و الرسول العظيم .
و تعسا لك يا كعيبة- قالت تخاطب نفسها-، لقد فاتك يوم العمر.
فقالت الأخرى: لا تثريب عليك يا كعيبة، فإن غدا لناظره قريب
قالت كعيبة : تعلمين يا أختاه أنني لولا انشغالي في معالجة و مداواة قريب لي يكاد يُشرف على الهلاك لما تأخرت عن استقبال الرسول الحبيب، و التشَرُّف بطلعته…
و لسوف أُبَكِّرُ غدا -إن شاء الله- في المثول بين يديه و مبايعته، فإن شوقي لا يوصف، و محبتي لا تقدر …
لم تنم كعيبة ليلتها استعدادا للقاء النبي صلى الله عليه و سلم و لمبايعته، و عرف النبي صلى الله عليه و سلم مكانة كعيبة في المدينة، و خصوصا في قومها بني أسلم إذ كانت عارفة و خبيرة في شؤون علاج المرضى و مداواتهم، و متخصصة في هذا الميدان، قد أوتيت مهارة و حِذْقا …
فاستقبلها صلى الله عليه و سلم و رحب بها…، و بايعها على الإسلام
خيمة كعيبة :
سارت كعيبة مع موكب المؤمنين و المؤمنات… تتفقه في كتاب الله، و تسمع من رسول الله، و تساهم في إعلاء راية الإسلام فجهادها ليس القتال و إنما مهمتها الجليلة في استقبال جرحى الغزوات و مداواتهم و مواساتهم فحين أذن مؤذن الجهاد، شمرت كعيبة عن ساعد الجد، إذ جاء دورها و حان حين نشاطها.
فنصبت في فناء المسجد النبوي الشريف خيمة كبيرة، جهزت جانبا منها ببعض الأسرة الخشبية… جعلت فوقها فراشا حشوه الليف و غيره، و في جانب آخر بعض العقاقير و الأدوية… و الأدوات اللازمة لمداواة الجرحى و المصابين، بحدود إمكانيات الزمان
” كانت تقام لها خيمة في المسجد، تداوي فيها المرضى و تأسو الجرحى ” ابن سعد في الطبقات 8-213
يوم بدر :
استقبلت بعض جرحى بدر فعالجتهم و واستهم، و أشرفت على راحتهم و العناية بهم حتى تم شفاؤهم، و أمضوا فترة ثم غادروا الخيمة إلى منازلهم ودورهم
و كما كانت سعادتها غامرة، و نفسها بالفرحة عامرة وهي ترى رسول الله صلى الله عليه و سلم يدخل الخيمة ليحنو على إخوانه و أصحابه، فتزداد فعالية نشاطها، و فرحة فؤادها خصوصا عندما كانت تسمع دعوات النبي صلى الله عليه و سلم لها بالخير و اليمن و التوفيق .
درس أحد :
تعلمت كعيبة من يوم أحد درسا عظيما، بعدما حدث من استشهاد السبعين شهيدا على رأسهم أسد الله و رسوله حمزة بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه و سلم و لم يستطع المسلمون نقل من أثخن من جرحاهم إلى المدينة .. و لفظ أكثرهم أنفاسهم الزكية الطاهرة في الميدان، و تخضبت الأرض بدمائهم الغالية…
فلم يكن لكعيبة إلا أن تنتقل لخطوة ذا أهمية نقل الخيمة لميدان القتال حتى تكون أقرب من الجرحى و المصابين .
يوم الخندق:
” كان سعد بن معاذ حين رمى يوم الخندق عندها تداوي جراحه، حتى مات رضي الله عنه ” ابن سعد في الطبقات 8-213 “
خرجت كعيبة بخيمتها مع الجيش، و نصبتها عند الخط الخلفي للقوات الإسلامية، و استعدت للعمل إذا ما وجب ذلك وكان سعد بن معاذ من بين المصابين في خيمتها على إثر إصابة بالغة شديدة بسهم في ذراعه، و اكتظت خيمتها بالزائرين له رضي الله عنه للاطمئنان عليه، و شرفت برسول الله صلى الله عليه و سلم يزور سعدا و يواسيه و يمسح رأسه بيده الشريفة و يدعو له بالشفاء السريع العاجل…، و يثني على كعيبة و نشاطها و خدماتها الجلية..
و قد أسهمها صلى الله عليه و سلم نصيبا من المكاسب و المغانم و خصها بنصيب و حظ وافر، جزاء وفاقا لما كانت تبذله من عظيم الجهد و العطاء من ذات نفسها
يوم خيبر :
و كذا أبلت بلاء حسنا يوم خيبر بنقلها خيمتها حتى تكون أقرب لتؤدي واجبها على أتم وجه و أكمله، و قد تسنى لها ذلك بنشاطها و جهدها و سهرها فنفلها رسول الله صلى الله عليه و سلم كما نفل الفرسان الأبطال، و شكر لها سعيها و دعا لها بالبركة و الخير، و هذا أعظم النفل و أكبر العطاء
” و تقديرا من الرسول صلى الله عليه و سلم لجهودها في خيبر، أعطاها سهم الرجل المجاهد رضوان الله عليها ” أبو عمر في الاستيعاب .
هذه هي كعيبة الأسلمية الطبيبة و الممرضة و المجاهدة بتنقلاتها من غزوة لغزوة لعين المكان حتى تكون خدماتها قريبة مسعفة المرضى و مداوية لهم، مؤدية واجبها نحو الله تعالى و إخوانها في الإسلام،
و يسكت التاريخ و يصمت صمتا مطبقا عن باقي أيام كعيبة فلا نسمع و لا نقرأ عن باقي أيام عمرها، سواء في حياة النبي صلى الله عليه و سلم أو بعد لحوقه بالرفيق الأعلى …
و نختم هذه الصفحة التاريخية و البصمة الخالدة بمقولة الرسول صلى الله عليه و سلم :
” لو سلك الناس شعبا و سلك الأنصار شعبا، لسلكت شعب الأنصار، اللهم ارحم الأنصار و أبناء الأنصار “
قالت الفتاة تحدث صاحبتها: لو رأيته يا كُعيبة… !! لا يستطيع الإنسان مهما أوتي من متانة الأعصاب و قوة الإرادة و نفوذ البصر أن يحدق في وجهه الشريف…، نور غامر و شعاع باهر…، تذوب النفوس رقة و حياء بين يديه، و يحس الإنسان بخفة في كيانه و بدنه، فكأنه يحلق في عالم علوي شفيف، و لا تملك النفس البشرية إلا التسليم… لو رأيته يا كعيبة .. !!
فقالت كعيبة و هي تتململ في مقعدها : لقد شوقتني يا أختاه إلى هذا اللقاء، و إنني لأشعر بندم شديد إذ قاتني اليوم شرف الاستقبال العظيم، و لولا أن الليل قد دخل وعمَّ الظلام لسعيتُ إليه في دار ضيافته عند أبي أيوب مُرَحّبة و مبايعة..
فقالت محدثتها مقاطعة : أما الاستقبال يا كعيبة فحدثي عنه و لا حرج، لقد كانت يثرب كلها في شرف الاستقبال، شيبها و شبانها، نساؤها و رجالها، أطفالها و شيوخها، حتى اليهود خرجوا من قبيل حب الإستطلاع…
لقد كان مهرجانا رائعا لم تشهده يثرب من قبل …
قالت كعيبة و قد جرى الدمع من مقلتيها: إلهذا الحد يا أختاه… !! هنيئا لك يا رسول الله .. و هنيئا لـ يثرب، أوْسِها و خزرجها بك أيها النبي الكريم، و الرسول العظيم .
و تعسا لك يا كعيبة- قالت تخاطب نفسها-، لقد فاتك يوم العمر.
فقالت الأخرى: لا تثريب عليك يا كعيبة، فإن غدا لناظره قريب
قالت كعيبة : تعلمين يا أختاه أنني لولا انشغالي في معالجة و مداواة قريب لي يكاد يُشرف على الهلاك لما تأخرت عن استقبال الرسول الحبيب، و التشَرُّف بطلعته…
و لسوف أُبَكِّرُ غدا -إن شاء الله- في المثول بين يديه و مبايعته، فإن شوقي لا يوصف، و محبتي لا تقدر …
لم تنم كعيبة ليلتها استعدادا للقاء النبي صلى الله عليه و سلم و لمبايعته، و عرف النبي صلى الله عليه و سلم مكانة كعيبة في المدينة، و خصوصا في قومها بني أسلم إذ كانت عارفة و خبيرة في شؤون علاج المرضى و مداواتهم، و متخصصة في هذا الميدان، قد أوتيت مهارة و حِذْقا …
فاستقبلها صلى الله عليه و سلم و رحب بها…، و بايعها على الإسلام
خيمة كعيبة :
سارت كعيبة مع موكب المؤمنين و المؤمنات… تتفقه في كتاب الله، و تسمع من رسول الله، و تساهم في إعلاء راية الإسلام فجهادها ليس القتال و إنما مهمتها الجليلة في استقبال جرحى الغزوات و مداواتهم و مواساتهم فحين أذن مؤذن الجهاد، شمرت كعيبة عن ساعد الجد، إذ جاء دورها و حان حين نشاطها.
فنصبت في فناء المسجد النبوي الشريف خيمة كبيرة، جهزت جانبا منها ببعض الأسرة الخشبية… جعلت فوقها فراشا حشوه الليف و غيره، و في جانب آخر بعض العقاقير و الأدوية… و الأدوات اللازمة لمداواة الجرحى و المصابين، بحدود إمكانيات الزمان
” كانت تقام لها خيمة في المسجد، تداوي فيها المرضى و تأسو الجرحى ” ابن سعد في الطبقات 8-213
يوم بدر :
استقبلت بعض جرحى بدر فعالجتهم و واستهم، و أشرفت على راحتهم و العناية بهم حتى تم شفاؤهم، و أمضوا فترة ثم غادروا الخيمة إلى منازلهم ودورهم
و كما كانت سعادتها غامرة، و نفسها بالفرحة عامرة وهي ترى رسول الله صلى الله عليه و سلم يدخل الخيمة ليحنو على إخوانه و أصحابه، فتزداد فعالية نشاطها، و فرحة فؤادها خصوصا عندما كانت تسمع دعوات النبي صلى الله عليه و سلم لها بالخير و اليمن و التوفيق .
درس أحد :
تعلمت كعيبة من يوم أحد درسا عظيما، بعدما حدث من استشهاد السبعين شهيدا على رأسهم أسد الله و رسوله حمزة بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه و سلم و لم يستطع المسلمون نقل من أثخن من جرحاهم إلى المدينة .. و لفظ أكثرهم أنفاسهم الزكية الطاهرة في الميدان، و تخضبت الأرض بدمائهم الغالية…
فلم يكن لكعيبة إلا أن تنتقل لخطوة ذا أهمية نقل الخيمة لميدان القتال حتى تكون أقرب من الجرحى و المصابين .
يوم الخندق:
” كان سعد بن معاذ حين رمى يوم الخندق عندها تداوي جراحه، حتى مات رضي الله عنه ” ابن سعد في الطبقات 8-213 “
خرجت كعيبة بخيمتها مع الجيش، و نصبتها عند الخط الخلفي للقوات الإسلامية، و استعدت للعمل إذا ما وجب ذلك وكان سعد بن معاذ من بين المصابين في خيمتها على إثر إصابة بالغة شديدة بسهم في ذراعه، و اكتظت خيمتها بالزائرين له رضي الله عنه للاطمئنان عليه، و شرفت برسول الله صلى الله عليه و سلم يزور سعدا و يواسيه و يمسح رأسه بيده الشريفة و يدعو له بالشفاء السريع العاجل…، و يثني على كعيبة و نشاطها و خدماتها الجلية..
و قد أسهمها صلى الله عليه و سلم نصيبا من المكاسب و المغانم و خصها بنصيب و حظ وافر، جزاء وفاقا لما كانت تبذله من عظيم الجهد و العطاء من ذات نفسها
يوم خيبر :
و كذا أبلت بلاء حسنا يوم خيبر بنقلها خيمتها حتى تكون أقرب لتؤدي واجبها على أتم وجه و أكمله، و قد تسنى لها ذلك بنشاطها و جهدها و سهرها فنفلها رسول الله صلى الله عليه و سلم كما نفل الفرسان الأبطال، و شكر لها سعيها و دعا لها بالبركة و الخير، و هذا أعظم النفل و أكبر العطاء
” و تقديرا من الرسول صلى الله عليه و سلم لجهودها في خيبر، أعطاها سهم الرجل المجاهد رضوان الله عليها ” أبو عمر في الاستيعاب .
هذه هي كعيبة الأسلمية الطبيبة و الممرضة و المجاهدة بتنقلاتها من غزوة لغزوة لعين المكان حتى تكون خدماتها قريبة مسعفة المرضى و مداوية لهم، مؤدية واجبها نحو الله تعالى و إخوانها في الإسلام،
و يسكت التاريخ و يصمت صمتا مطبقا عن باقي أيام كعيبة فلا نسمع و لا نقرأ عن باقي أيام عمرها، سواء في حياة النبي صلى الله عليه و سلم أو بعد لحوقه بالرفيق الأعلى …
و نختم هذه الصفحة التاريخية و البصمة الخالدة بمقولة الرسول صلى الله عليه و سلم :
” لو سلك الناس شعبا و سلك الأنصار شعبا، لسلكت شعب الأنصار، اللهم ارحم الأنصار و أبناء الأنصار “